كتاب: سير أعلام النبلاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء



أنعى إليك علوما طالما هطلت ... سحائب الوحي فيها أبحر الحكم
أنعى إليك لسان الحق مذ زمن ... أودى وتذكاره كالوهم في العدم
أنعى إليك بيانا تستسر له ... أقوال كل فصيح مقول فهم
أنعى إليك إشارات العقول معا ... لم يبق منهن إلا دارس العلم
أنعى- وحقك- أحلاما لطائفة ... كانت مطاياهم من مكمد الكظم
مضى الجميع فلا عين ولا أثر ... مضي عاد وفقدان الأولى إرم
وخلفوا معشرا يجدون لبستهم ... أعمى من البهم بل أعمى من النعم (1)
ثم سكت فقال له خادمه أحمد بن فاتك:أوصني.
قال:هي نفسك إن لم تشغلها شغلتك.
ثم أخرج وقطعت يداه ورجلاه بعد أن ضرب خمس مائة سوط ثم صلب فسمعته وهو على الجذع يناجي ويقول:أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب.
فهكذا هذا السياق أنه صلب قبل قطع رأسه.
فلعل ذلك فعل بعض نهار.
قال:ثم رأيت الشبلي وقد تقدم تحت الجذع صاح بأعلى صوته يقول:أو لم ننهك عن العالمين.
ثم قال له:ما التصوف؟
قال:أهون مرقاة فيه ما ترى.
قال:فما أعلاه؟
قال:ليس لك إليه سبيل ولكن سترى غدا ما يجري فإن في الغيب ما شهدته وغاب عنك.
فلما كان العشي جاء الإذن من الخليفة أن تضرب رقبته فقالوا:قد أمسينا ويؤخر إلى الغداة.
فلما أصبحنا أنزل وقدم لتضرب عنقه فسمعته يصيح بأعلى صوته:حسب الواحد إفراد الواحد له.
ثم تلا:{يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها} [
__________
(1) الأبيات في " ديوانه " ص 25 24 وانظر أيضا " تاريخ بغداد " 8 / 130 و" أخبار الحلاج " ص 12 و" البداية والنهاية " 11 / 142 وقد وردت في الديوان كلمة " الرمم " بدل " العلم " في البيت الخامس.